تهديدات الحشد للوجود الأمريكي .. مزايدات انتخابية أم ضغوط إيرانية؟!
![]() ![]() ![]() ![]() |
من المقرر أن تبدأ، اليوم الخميس، كتل سياسية في البرلمان العراقي معروفة بقربها من إيران، حملة واسعة تدعمها فصائل مسلحة أبرزها "حزب الله" و"الخراساني" و"النجباء" و"العصائب" و"بدر"، للضغط على الحكومة بشأن الوجود العسكري الأمريكي في العراق، تتضمن جمع تواقيع أعضاء البرلمان لمطالبة الحكومة بتوضيح موقفها من الوجود الأمريكي، وفق ما أكّدت مصادر إعلامية، موضحةً بأن تلك الضغوط "تهدف لدفع رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى مطالبة واشنطن بتحديد جدول زمني لبدء سحب الجيش الأمريكي من العراق، وهو ما تتحفّظ عليه حكومة العبادي في الوقت الحالي، وتجد أنّ المرحلة الحالية تتطلب دعماً أجنبياً لبناء القوات العراقية والمساهمة في عمليات تأهيل ألوية الجيش والشرطة وإسناد مهام غلق الحدود مع سوريا.
وتشارك الحكومة بذلك قوى كوردية ومدنية وسنية عراقية تجد أن الوجود الأمريكي أو الغربي العسكري مهمٌّ ما دام هناك نفوذ إيراني مماثل بالعراق، وصور تجوّل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في المدن العراقية ما زالت تتصدّر نشرات الأخبار.
ووفقاً لمسؤول رفيع في الحكومة العراقية، فإن "رئيس الوزراء يواجه مزايدات وطنية من قبل كتل سياسية وفصائل في الحشد الشعبي، تطالبه بأن يتخذ موقف السلب من الوجود الأمريكي في العراق"، مضيفاً أن "القوات الأمريكية على وجه التحديد قدّمت خلال أقل من عام، 300 مليون دولار لنزع الألغام ورفع مخلفات داعش، ودفعت نفقات صيانة طائرات سلاح الجو العراقي وقدمت ذخيرة مقاتلات الـ"أف 16". وعوضاً عن ذلك تقوم حالياً بتدريب وبناء جديد لألوية ووحدات خاصة في الجيش العراقي، فضلاً عن أفواج من الشرطة، كما تسعى لبناء جهاز استخبارات عراقي متخصص بالإرهاب، وهذا ما لا يمكن التفريط به حالياً".
ولفت المسؤول إلى أنّ "العبادي يناور بالملف بين الكتل السياسية الشيعية هذه، كونه يعلم أن الموضوع محصور بين أجندة إيرانية تريد إخراج القوات الأمريكية من العراق وتدفع تلك الجهات، وبين مزايدات انتخابية"، مرجحاً أن يتم الإعلان عن تخفيض للقوات الأجنبية ككل في البلاد من قبل الحكومة "لسحب الزخم الهجومي الحالي، لكن ذلك لا يعني خروجاً تاماً كاملاً لهذه القوات من العراق".
وختم المسؤول بالقول إن "القوات الأمريكية هي من خلعت صدام وجاءت بالنظام السياسي الحالي، والحديث من قبل أركان هذا النظام عن أنها احتلال، يمكن اعتباره انفصام شخصية".
ويوجد نحو 11 ألفاً و800 جندي وعسكري أمريكي في العراق، فضلاً عن المئات من القوات الأجنبية الأخرى كالبريطانية والألمانية والإيطالية والفرنسية والكندية والأسترالية، يتوزعون على 11 معسكراً وقاعدة غالبيتها مشتركة مع القوات العراقية، من بينها 6 معسكرات أمريكية وسط وشمال وغرب العراق.
من جانبه، قال القيادي في "التحالف الوطني"، عمار الطعمة، إن "العراق لا يحتاج اليوم لأي قوات من أي دولة كانت، فالحاجة انتفت الآن وعليهم المغادرة"، مضيفاً "قرار وجود مدربين أو مستشارين، يجب أن نطلع عليه في حال كان بين الحكومة والأمريكيين اتفاقٌ"، وفقاً لقوله.
واعتبر الطعمة أن الوجود الأمريكي الحالي "سيكون حجة للتطرف وإنشاء جماعات إرهابية، بحجة الجهاد ضد الأمريكيين. كما أنّ هناك خشية من تحرّك منفرد لفصائل أو جهات ضد الوجود الأمريكي"، في إشارة إلى "الحشد الشعبي" وتهديداته الأخيرة.
بدوره، أشار عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، إسكندر وتوت، إلى أنّ القوات الأمريكية "في حال كان وجودها مؤقّتاً، فلا بأس به، لكن في حال كانت تخطط لبقاء طويل، فيجب أن يكون هناك موقفٌ من الآن للحكومة"، مضيفاً "نريد من الحكومة أن تطلعنا على تفاصيل الوجود الأمريكي، كم هو عدد هذه القوات، ومقراتها وسلاحها وكل ما يتعلّق بها، خصوصاً وأنّ تصريحات مقربين من (الرئيس الأمريكي دونالد ترمب) تتحدّث عن أنهم لن ينسحبوا وأنّ وجودهم سيكون طويلاً في العراق".
إلاّ أنّ الخبير في الشأن السياسي العراقي، أعيان الطوفان، أكّد أنه "لا أحد يعرف عدد الجيش الأمريكي اليوم في العراق، حتى رئيس الوزراء نفسه"، موضحاً، أنّ وجودهم في ستة قواعد "يشير إلى أنّ عددهم أكبر بكثير من المعلن، وهناك لواء قتالي كامل يقوم بمهام خاصة في العراق على الأرض".
وأضاف الطوفان، أنّ "الوجود الأمريكي سيكون مادة دسمة للانتخابات، فهناك من سيقوم بشتم الأمريكيين وسبهم، والمطالبة بإخراجهم، لكنه في الخفاء متفقٌ معهم، ويحتاج لدعمهم ويجاملهم".
في غضون ذلك، لا يبدو مطلب سحب القوات الأمريكية من العراق موحداً، فالقوى السياسية السنية والكوردية والمدنية الأخرى، تعتبر بقاء القوات الأمريكية مطلباً مهماً في الوقت الحالي، للحدّ من النفوذ الإيراني أو مقاومته على الأقل بعد أن كان سابقاً مطالباً لطرده من العراق.
وقال عضو التحالف الكوردستاني، حمة أمين، في هذا الإطار، إن "الوجود الأمريكي بالنسبة لكوردستان مهم، ونعتقد أنه يحمينا من الهيمنة الإيرانية وأي تهديد إرهابي آخر. كما أنه لولا هذا الوجود، لتمادت بغداد في أذيتنا بعد مشروع استفتاء الانفصال"، وفقاً لقوله.
أمّا القيادي في الحراك الشعبي العراقي، محمد عبد الله، فأشار إلى أنّ "المكوّن السني في العراق الذي أعلن قادته الجهاد ضد الأمريكيين عام 2003 وحاربوه، يعتبرون اليوم وجوده ضرورة لا بدّ منها"، مضيفاً أن "الأمريكيين أفضل في النهاية من الإيرانيين، ونأمل أن يصححوا جزءاً من أخطائهم، لأن انسحابهم يعني أنّ الساحة باتت للإيرانيين فقط، وهؤلاء لديهم حرس ثوري وباسيج وسليماني و73 فصيلا مسلّحا بقيادتهم في العراق"، وفقاً لقوله.
ولوّحت فصائل موالية لإيران خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية باستهداف القوات الأمريكية في العراق، واعتبارها أهدافاً شرعية، أبرزها حركة "النجباء" و"حزب الله العراق"، وهو ما قد يفتح باباً للتصعيد الجديد، خصوصاً وأن ثلاثة من المعسكرات الأمريكية في العراق تقع على مقربة من مناطق نفوذ تلك الفصائل.
من جهة أخرى، قال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة تجدد ضغوطها على شركائها الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، لبدء مهمة طويلة الأجل في العراق للتدريب وتقديم المشورة. وأوضح خمسة دبلوماسيين كبار في الحلف، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز"، أن وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، بعث برسالة إلى مقر الحلف في يناير / كانون الثاني تدعو إلى تشكيل بعثة رسمية للحلف في العراق بقيادة دائمة أو شبه دائمة لتدريب القوات العراقية.
ومن المتوقع أن يبحث وزراء الدفاع بدول الحلف المطلب الأمريكي في بروكسل الأسبوع المقبل، ومن المحتمل أن يصدر قرار في هذا الشأن في قمة تُعقد في يوليو / تموز المقبل.
المصدر: العربي الجديد